شارك المقالة:

 

يصدر العدد الأول من مجلة الإسلام وطن ـ بمشيئة الله ـ غرة هذا الشهر المبارك ـ شهر رمضان المعظم ـ لا لنضيف للمجلات الإسلامية مجلة أخرى من حيث العدد، بل ليبين للمسلمين جميعا أن رسالة هذه المجلة الإسلامية دعوة وسطية أمينة صادقة لهدي السلف الصالح وأفق أعلى للدعوة الإسلامية، لا نتبع سبيل البغاة، لأننا هداة ندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا ننهج مسالك الغلاة، لأننا حماة الإسلام من دعاة الجهالة.

أخي في الله وحبيبي في رسول الله ﴿ صلي الله عليه و اله و سلم لقد أبتلي الإسلام على مر العصور والدهور بالأعداء  الذين أحاطوا به من كل جانب، والمؤامرات التي دبرت ضده لتفرق كلمته وتشتت شمله، من يوم الردة إلى أيام الانقسام والحروب، إلى نكبة هولاكو والمغول، إلى هجمات الصليبيين، إلى إلغاء الخلافة الإسلامية وتفريق كلمة المسلمين وجعلهم أمما وشعوبا مختلفة، بعد أن كانوا تحت لواء الخلافة الإسلامية أمة واحدة، إلى المذاهب والمباديء الهدامة كالشيوعية والماسونية والبهائية والقديانية إلى الأحزاب السياسية المتناحرة.

نكبات تلو نكبات، ولكنها دون ما يواجه الإسلام في هذه الأيام من حملات الإبادة على أيدي الشيوعية والصهيونية والصليبية التي توحدت قواها ، واجتمعت ضد العالم الإسلامي لمحاربته واستعباده سواء في فلسطين أو أفغانستان أو لبنان أو في العراق وإيران والهند وحيث توجد أقليات إسلامية كبيرة في كثير من بلدان آسيا وإفريقيا وأوربا وغيرها.

إن الإسلام يواجه اليوم حربا ضارية، توضع لها خطط محكمة وتنفق عليها الأموال الطائلة، ولا يعرف كثير من العلماء ودعاة الإسلام شيئا من هذه المخططات، لذلك نراهم يشتغلون بالفروع دون الأصول، فيشغلون بالفروع دون الأصول، فيشعلون الخصومات بين المذاهب الشافعية والمالكية والحنفية والحنبلية والإمامية والزيدية، ويثيرون نار الفتنة بين العقائد الشيعية والسنية أو السلفية والصوفية.

ومجلة "الإسلام وطن" تنبه المسلمين إلى المؤامرات الاستعمارية التي حيكت خطوطها لإخراج الإسلام من ميدانه العالمي الفسيح إلى دروب القومية والجنسية الضيقة.

فالمسلم العربي هو كل شيء بالإسلام، وهو لا شيء يذكر إذا تجرد من الإسلام.

والمسلم الأفريقي هو كل شيء بالإسلام، وهو لا شيء يذكر إذا تجرد من الإسلام.

والمسلم الأسيوي هو كل شيء بالإسلام، وهو لا شيء يذكر إذا تجرد من الإسلام.

والمسلم الأوربي هو كل شيء بالإسلام، وهو لا شيء يذكر إذا تجرد من الإسلام.

وهذه المجلة "الإسلام وطن" تكشف أهداف التفرقة العصبية والتباعد القبلي والتآمر القومي فلا معنى لكل ذلك سوى أنه أثر من آثار الجاهلية التي قضى عليها الإسلام في قول رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم : "لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَىٰ أَعْجَمِيٍّ إِلاَّ بِٱلتَّقْوَىٰ"، وليس لابن السوداء فضل على ابن البيضاء.

فالتركي يقاتل إلى جانب العربي، والفارسي يجاهد إلى جانب الأفريقي، ويقف الجيش المسلم وهو خليط من أجناس وقوميات وشعوب وقبائل مختلفة، وهو كالقلعة الحصينة، نصبت لحماية الوطن الإسلامي، وأهل هذا الوطن هم إخواننا المسلمون في المشارق والمغارب

وإمامنا، الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم يقول : "جَهِلَ ٱلنَّاسُ فَظَنُّوا أَنَّ ٱلْوَطَنَ أَرْضٌ سَقَطَ رَأْسُ ٱلإِنْسَانِ فِيهَا، وَتَرَبَّىٰ عَلَيْهَا.. نَعَمْ هُوَ وَطَنٌ مَجَازًا، وَٱلْوَطَنُ ٱلْحَقِيقِيُّ هُوَ ٱلإِسْلاَمُ، لأَِنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يُغَالِي فِي حُبِّ تِلْكَ ٱلأَرْضِ إِذَا سَمِعَ بِأَنَّ أَرْضًا أُخْرَىٰ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْصُلَ فِيهَا عَلَى ٱلْكَمَالِيَّاتِ، فَارَقَ تِلْكَ ٱلأَرْضَ مُنْشَرِحَ ٱلصَّدْرِ بِمُفَارَقَتِهَا قَرِيرَ ٱلْعَيْنِ بِٱلْبُعْدِ عَنْهَا، وَٱسْتَبْدَلَ بِهَا غَيْرَهَا، وَلَوْ أَسَنَ مَاؤُهَا وَٱكْفَهَرَّ جَوُّهَا، وَرَعُنَ هَوَاؤُهَا"

أفق أيها المسلم، لا تجعل لك وطنا غير الإٍسلام، ولا مسقط رأس غير الإسلام، عنه فدافع تسعد، وبه فاعمل تكن من المفلحين.

عجبا لأصحاب الأقلام، وقد سودوا صحائف أوراقهم بحماسة للقاريء حتى رأى أنهم تميزوا غيظا، واحترقوا غيرة على الوطن، وهم العاملون على ضياع الخير ومحو السعادة من أبنائه، تراهم يتحيزون بالنصرة والفخر لأرض غير أرضهم، وقوم ليسوا منهم، يا سبحان الله!! جهلوا المبدأ فأخطأوا في النتائج، وأساءوا سمعا، فأساءوا فهما، اللهم إني أعوذ بك أن يكون لي وطن غير الإسلام، اللهم ونبه قلوب إخوتي المؤمنين ليعلموا أنه الوطن حقيقة الذي به السعادة، وبالمحافظة عليه نيل الفلاح.

يختلفون فيما لا يستوجب الاختلاف، والأعداء أعداء الإسلام متفقون عليهم جميعا يعملون على هدم دينهم وسلب أوطانهم.

أخي في الله وحبيبي في رسول الله ﴿صلي الله عليه و اله و سلم﴾  

إن رسالة مجلة "الإسلام وطن" تعرفك أن لكل قطر من الأقطار الإسلامية حوتا من حيتان الاستعمار الغربي، وأفعى من أفاعي الاستعمار الشرقي فاغرا فاه لالتهام ذلك القطر وما فيه، أفلا يكفي هذا جامعا للمسلمين ومؤججا لنار الغيرة والحماس في عزائمهم ؟!، أفلا تكون شدة تلك الآلام وآلام تلك الشدة باعثة لهم على الاتحاد، وإنهاء ما بينهم من الأضغان والأحقاد.

مجلة "الإسلام وطن" تنادي بأن داء المسلمين تفرقهم والتضارب بينهم، ودواؤهم الذي لا يصلح آخرهم إلا بما صلح عليه أولهم، هو الوحدة ومؤازرة بعضهم لبعض ، ونبذ التشاحن ، وطرح بواعث البغضاء والإحن والأحقاد تحت أقدامهم.

ولم يزل السعي لهذا الغرض السامي والهدف الشريف إلى اليوم دأب دعوتنا التي ما انفكت تدعو إلى تلك الوحدة المقدسة ـ وحدة أبناء التوحيد، وانضمام جميع المسلمين تحت راية "لا إله الا الله محمد رسول الله" من غير فرق بين أجسامهم وأنسابهم وأوطانهم ولا بين مذاهبهم.

 

السيد عز الدين ماضى أبو العزائم

من تراث مجلة "الإسلام وطن" العدد الأول