التاريخ الإسلامي : سلسلة "فضائل أهل البيت والصحابة " (3)

07/08/2021
شارك المقالة:

خصائصه وإسلامه :

وكان من رؤساء قريش فى الجاهلية ، وأهل مشاورتهم ، ومحبيا فيهم ، وأعلم لمعالمهم ، فلما جاء الإسلام أقره على ما سواه ، ودخل فيه أكمل دخول . وأخرج الزبير بن بكار وابن عساكر عن معروف ابن خربوذ قال : إن أبا بكر الصديق  - رضى الله عنه - ، أحد عشرة من قريش اتصل بهم شرف الجاهلية الإسلامية فكان إليه أمر الديات والغرم فى قريش .

وكان أبو بكر  - رضى الله عنه - أعف الناس فى الجاهلية ، أخرج ابن عساكر بسند صحيح عن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت : والله ما قال أبو بكر شعرا قط فى الجاهلية ولا إسلام ، ولم يسجد لصنم قط ، ولقد ترك هو وعثمان بن عفان شرب الخمر فى الجاهلية .

أسلم الصديق  - رضى الله عنه - وهو ابن سبع وثلاثين وقيل : ثمان ، وعاش فى الإسلام ستا وعشرين سنة ، وهو أول من أسلم من الرجال ، وأسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة : عثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وسعد بن أبى وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنهم .

وأخرج الطبرانى فى الكبير ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل فى زوائد الزهد عن الشعبى قال : سألت ابن عباس : أى الناس كان أول إسلاما ؟ قال : أبو بكر الصديق ، ألم تسمع قول حسان بن ثابت :

إذا تذكرت شجوا فى أخى ثقة
خير البرية أتقاها وأعدلها
والثانى التالى المحمود مشهده

 

فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
بعد النبى وأوفاها بمـا حـملا
وأول الناس منهم صـدق الرسلا

 

وأخرج ابن عساكر بسند جيد عن محمد بن سعد بن أبى وقاص أنه قال لأبيه سعد :  أكان أبو بكر أولكم إسلاما ؟ قال : لا ، ولكن أسلم قبله أكثر من خمسة ، ولكنه كان خيرنا إسلاما .

ويقصد بذلك أن السيدة خديجة ، وزيد بن حارثة ، وزوجه أم أيمن ، وسيدنا على ابن أبى طالب ، وورقة بن نوفل أسلموا قبله .

وقد صحب أبو بكر النبى  - صلى الله عليه وآله وسلم - من حين أسلم إلى حين انتقل إلى الرفيق الأعلى ، لم يفارقه سفرا ولا حضرا ، إلا فيما أذن له  - صلى الله عليه وآله وسلم - فى الخروج من حج وغزو ، وشهد معه المشاهد كلها، وهاجر معه ، وترك عياله وأولاده رغبة فى الله ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وهو رفيقه فى الغار ، قال تعالى : (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا)(التوبة : 40) .

وقام بنصر رسول الله  - صلى الله عليه وآله وسلم - فى غير موضع، وله الآثار الجميلة فى المشاهد ، وثبت يوم أحد ويوم حنين وقد فر الناس ، ودفع إليه رسول الله  - صلى الله عليه وآله وسلم - رايته العظمى يوم تبوك ، وأنفق ماله كله على رسول الله  - صلى الله عليه وآله وسلم - فقد أخرج أحمد وابن ماجة والترمذى عن أبى هريرة قال : قال رسول الله  - صلى الله عليه وآله وسلم - :"ما نفعنى مال قط ما نفعنى مال أبى بكر " فبكى أبو بكر وقال :( هل أنا ومالى إلا لك يارسول الله ؟) وكان يملك يوم أسلم أربعين ألف درهم ، فكان يعتق منها ويقوى المسلمين .

وكان  - رضى الله عنه - أعلم الناس بأنساب العرب ، ولا سيما قريش ، وكان كذلك غاية فى علم تعبير الرؤيا ، وقد كان يعبر الرؤيا فى زمن النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وقد قال محمد بن سيرين – وهو المقدم فى ذلك العلم بالاتفاق - : كان أبو بكر أعبر هذه الأمة بعد النبى  - صلى الله عليه وآله وسلم - "أخرجه ابن سعد" .

وهو أول من جمع القرآن ، وأول من قاء تحرجا من الشبهات . وروى مائة حديث واثنين وأربعين حديثا ، جاء منها فى الصحيحين ثمانية عشر حديثا ، اتفقا على ستة ، وانفرد البخارى بأحد عشر ، ومسلم بواحد ، وخرج له جماعة ، روى عنه ابن عباس وأنس وقيس بن أبى حازم .

أولاده :

كان له  - رضى الله عنه - من الولد : عبد الله ، وأسماء ذات النطاقين.. وأمهما قتيلة بنت عبد العزى ، وعبد الرحمن وعائشة ... وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر، ومحمد .. وأمه أسماء بنت عميس، وأم كلثوم .. وأمها حبيبة بنت خارجة بن زيد ، وكان الصديق أبو بكر لما هاجر إلى المدينة نزل على خارجة فتزوج ابنته .

فأما عبد الله : فإنه شهد الطائف . وأما أسماء : فتزوجها الزبير بن العوام فولدت له عدة من الأولاد ثم طلقها ، فكانت مع ابنها عبد الله إلى أن قتل وعاشت مائة سنة . وأما عبد الرحمن : فشهد يوم بدر مع المشركين ثم أسلم .  وأما محمد : فكان من نساك قريش ، وقد ولاه سيدنا على بن أبى طالب مصر فقتله صاحب معاوية . وأما أم كلثوم : فتزوجها طلحة بن عبيد الله  - رضى الله عنه - . قال البغوى فى تفسيره : اجتمع لأبى بكر إسلام أولاده وأبويه جميعا .

وللحديث بقية