علم التجويد (2)

20/08/2021
شارك المقالة:

والقراءة على مراتب أربع:

1- التحقيق:

   ومعناه: المبالغة فى الإتيان بالشيء على حقيقته من غير زيادة فيه ولا نقص منه، وهو عند أهل هذا الفن عبارة عن: إعطاء الحروف حقها ومستحقها من إشباع المدود، وتحقيق الحروف، وإتمام الحركات، وتوفية الغنات، وتفكيك الحروف عن بعضها، والتؤدة فى القراءة، وهو المأخوذ به فى مقام التعليم.

2- مرتبة الترتيل:

   وهو القراءة باطمئنان وتؤدة مع تدبر المعاني وإخراج كل حرف من مخرجه مع إعطاءه حقه ومستحقه من غير عجلة تخل بأحكام التجويد، وهو مذهب ورش وعاصم وحمزة، والترتيل أفضل المراتب لأنه نزل به القرآن قال الله تعالى: (وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) "الفرقان:32"، وجاء به الأمر فى القرآن الكريم فى قوله تعالى:  (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) "المزمل:4"، وعن سيدتنا عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الماهرُ بالقرآنِ مع السَّفَرة الكرامِ البررة، والذى يقرأه ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران) "متفق عليه".

3- الحدر:  

   والحدر - بسكون الدال - هو الإسراع فى القراءة مع مراعاة أحكام التجويد من إظهار وإدغام وبسط ومد ووقف ووصل وغير ذلك من أحكام التجويد، والحدر مذهب من قصر المنفصل من القراء وهم ابن كثير وأبى عمرو وقالون.

4- مرتبة التدوير:

   وهو القراءة بحالة متوسطة بين مرتبتي الترتيل والحدر، وهو الذي ورد عن أكثر الأئمة ممن روى مد المنفصل ولم يبلغ فيه حد الإشباع وهو مذهب ابن عامر والكسائي.

   والمراتب كلها صحيحة وجائزة، والأجر عليها حاصل إن شاء الله تعالى.

   ويجب أن تكون القراءة للقرآن باللطف في النطق بلا تعسف، فيحترز في الترتيل عن التمطيط، وفي الحدر عن الإدماج، إذ القراءة كالبياض إن زاد صار برصا، وإن قل صار سمرة.

وللقراءة أربعة وجوه هى:

1- قطع الجميع: أي: قطع الاستعاذة عن البسملة، وقطع البسملة عن أول السورة.

2- قطع الأول عن الثاني ووصل الثاني بالثالث: أي: قطع الاستعاذة عن البسملة، ووصل البسملة بأول السورة.

3- وصل الأول بالثاني وقطع الثاني عن الثالث: أي: وصل الاستعاذة بالبسملة مع الوقف عليها، ثم البدء بأول السورة.

4- وصل الجميع: أي: وصل الاستعاذة بالبسملة، ووصل البسملة بأول السورة.

   والاستعاذة: حكمها أنها مستحبة، وقيل: واجبة عند البدأ بالقراءة من أول السورة أو في وسطها ولفظها: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) أو: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).

   ويجهر بالاستعاذة في حالتين: في المحافل، وفي التعليم لينصت السامع للقراءة من أولها.

   ويسر بها في الصلاة والانفراد وفي الدور إذا قرأ مع جماعة ولم يكن هو المبتدئ.

   أما البسملة: فصيغتها: (بسم الله الرحمن الرحيم) ولا خلاف أنها بعض آية من سورة النمل، وهي مشروعة عند البدأ بكل أمر مستحسن اقتداء بالقرآن الكريم، وكما قال حضرة الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: (كلُّ أمرٍ ذى بالٍ لا يُبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم هو أبتر) والمعنى: ناقص وقليل البركة.

   ومذهب حفص عن عاصم أنها آية من الفاتحة، ومن كل سورة إلا سورة براءة ويفصل بها بين السور كلها إلا بين الأنفال وبراءة، وعلى هذا القول تجب قراءتها في الصلاة وهو مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه.

   ويقول الإمام أبو العزائم في كتابه: "أسرار القرآن - الجزء الأول": يجب النطق بها في الصلاة عند من يقولون إنها آية من الفاتحة وهم قراء الكوفة ومكة وفقهاؤهما وهو مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، وحجتهم إثبات السلف الصالح لها في المصحفُ، أما قراء المدينة والبصرة والشام فلا يرونها آية من الفاتحة ويرون إثبات السلف لها للتبرك، فيكون الافتتاح بها في الصلاة أو في كل عمل ذي شأن سنة, ويكره عندهم الجهر بها في الصلاة وهو مذهب الإمام مالك ومذهب أبي حنيفة ومن تابعهما.

   وفي الموطأ والنسائى عن سيدنا حذيفة عن حضرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (اقرءوا القرآن بلحون العرب وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر فإنه سيجيئ أقوام من بعدي يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم) صدق سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

   والأمر في الخبر - كما يقول العلماء - محمول على الندب والنهي على الكراهة إن حصلت المحافظة على صحة الألفاظ للحروف، وإلا فعلى التحريم،   والمراد بالذين لا يجاوز حناجرهم: الذين لا يتدبرونه ولا يعملون به، والغرض من القراءة إنما تصحيح ألفاظها على ما جاء به القرآن العظيم ثم التفكر فى معانيه.

   وقبل التحدث عن أحكام التجويد فسوف نبين بعون الله وتوفيقه مخارج الحروف وصفات هذه الحروف، وهذا ما سوف نعرف في العدد القادم إن شاء الله تعالى.

   وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وآله، وأعطنا الخير، وادفع عنا الشر، ونجنا واشفنا يا رب العالمين.