شارك المقالة:

 

قيل لأعرابي : بم عرفت ربك ؟ فقال : البعرة تدل على البعير ، والروث يدل على الحمير ، وآثار الأقدام تدل على المسير ، فسماء ذات أبراج وبحار ذات أمواج ، أما يدل ذلك على العليم القدير ؟

                   قد يستدل بظاهر عن باطن                 حيث الدخان يكون موقد نار

قيل لأعرابى : بم عرفت الله ؟ فقال : بنقض عزائم الصدور ، وسوق الاختيار إلى حبائل المقدور . 

وقال الدقاق : لو كان إبليس بالحق عارفا ، ما كان لنفسه بالإضلال والإغواء واصفا .

ومنه : التوحيد محو آثار البشرية ، وتحديد صفات الألوهية ، الحق واحد فى ذاته لا ينقسم ، واحد فى صفاته لا يماثل ، واحد فى أفعاله لا يشارك ، لو كان موجودا عن عدم ما كان موصوفا بالقدم ، الحياة شرط القدرة ، دلت على ذلك الفطرة ، لو لم يكن الصانع حيا ، لاستحال أن يوجد شيئا . لو لم يكن باقيا لكان للألوهية منافيا . لو كان البارى جسما ما استحق الألوهية اسما ، لو كان البارى جوهرا لكان للتحيز مفتقرا . العرض لا يبقى والقديم لا يتغير ولا يفنى . لو لم يكن بصفة القدرة موصوفا ، لكان بسمة العجز معروفا . لو لم يكن عالما قادرا لاستحال كونه خالقا فاطرا . دلت الفطرة والعبرة أن الحوادث لا تحصل إلا من ذى قدرة ، لو لم يكن بالإرادة قاصدا ، لكان العمل بذلك شاهدا . من تنوع إيجاده ، دل ذلك على أن الفعل مراده . لو لم يكن بالسمع والبصر موصوفا ، لكان لضديهما مألوفا . لو جاز سامع لا سمع له لجاز صانع لا صنع له . لو كان سمعه بأذن لافتقرت ذاته إلى ركن . من صدرت عنه الشرائع والأحكام ، كان موصوفا بالكلام . ليس فى الصفات السبع ما لا يتعلق إلا بالحياة ، ولا يؤثر إلا القدرة والإرادة ، كما جاز أن يأمر بما لا يريد ، جاز أن يريد ما لا يحب . لا يسأل عما يفعل ، الواحد كاف ([1]) وما زاد عليه متكاف ، ليس مع الله تعالى موجودات لأن الموجودات كلها كالظل من نور القدرة . له نور التبعية لا رتبة المعية .

إن من أشرك بالله جهول بالمعانى                 أحول العقل لهذا ظن للواحد ثانى

قال سيدنا جعفر بن محمد : لو كان على شىء لكان محولا ، ولو كان فى شىء لكان محصورا ، ولو كان مع شىء لكان محدثا .

قيل لتمامة بن الأشرف رحمة الله تعالى عليه : متى كان الله ؟ فقال : ومتى لم يكن ؟ فقيل : لم كفر الكافر ؟ فقال : الجواب عليه .

قال خادم أبى عثمان : قال لى مولاى : يا محمد لو قيل لك : أين معبودك ؟ ما كنت تجيب ؟ قال : أقول : بحيث لم يزل . قال : فإن قيل لك : فأين كان فى الأزل ؟ فقال : أقول : بحيث هو الآن . فنزع قميصه وأعطاينه .

قيل لصوفي : أين هو ؟ فقال : محقك الله ، أيطلب مع العين أين ؟ .

ومنه : سمعت شيخا يقول : نقصنا صفة كمال له فينا ، يعنى إذا وجب له كل الكمال وجب لنا كل النقص . وهذا على أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان ، وفيه كلام .

ومنه : بلغ أحمد أن أبا ثور قال فى الحديث : (خلق الله آدم على صورته) أن الضمير لآدم ، فهجره ، فأتاه أبو ثور فقال أحمد : أى صورة كانت لآدم يخلقه عليها ، كيف تصنع بقوله : " خلق الله آدم على صورة الرحمن " فاعتذر إليه وتاب بين يديه .

ومنه : أتى يهودى المسجد فقال : أيكم وصي محمد ﴿ صلى الله عليه وآله﴾ ؟ فأشاروا إلى الصديق رضى الله عنه قال : إنى سائلك عن أشياء لا يعلمها إلا نبى أو وصى نبى ، قال : سل ، قال : فأخبرنى عما ليس لله ، وعما ليس عند الله ، وعما لا يعلمه الله ، فقال : هذه مسائل الزنادقة وهمّ بقتله ، فقال ابن عباس : ما أنصفتموه ، إما أن تجيبوه ، وإما أن تصرفوه إلى من يجيبه ، فإنى سمعت رسول الله ﴿ صلى الله عليه وآله﴾ يقول لعلي : " اللهم اهد قلبه وثبت لسانه " فقال أبو بكر : قم معه إلى علي ، فقال له سيدنا علي : أما ما لا يعلمه الله فقولكم فى عزيز : (إنه ابن الله) ، والله عز وجل لا يعلم له ولدا ، قال فى التزيل : ﴿ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ ﴾ ([2]) وأما ما ليس عند الله فالظلم ، وأما ما ليس له فالشريك . 

فأسلم اليهودى ، فقبل أبو بكر رأس علي وقال له : يا مفرج الكربات ، وورد مثل هذه المسائل عن الصحابة رضى الله عنهم .

                                         وللحديث بقية بإذن الله تعالى

 

[1])) ( كاف ) من قوله تعالى : " أليس الله بكاف عبده " سورة الزمر آية 36 .

[2])) سورة يونس آية 18 .

نسبه ٱلشريف صلى الله عليه وآله وسلم

ٱقتضت حكمته ٱلعلية سبحانه وتعالى ٱنتقاله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ لكمال ٱلخصوصية . من ظهور ٱلأفراد إلى ٱلبطون ٱلمصونة ٱلنقية، فكان ﴿صلى الله عليه وآله وسلم ﴾ فى ظهور آدم حقيقة ٱلأنوار، ثم تنقل ﴿صلى الله عليه وآله وسلم ﴾ إلى أئمة ٱلأخيار، ٱلسادة ٱلأطهار، حتى أبرزه ٱلله شمسا أضاءت ٱلآفاق، فأظهرت أنوار ٱلخلاق