رسالة هادئة للدكتور سعد الدين الهلالي

19/06/2021
شارك المقالة:

لقد فوجئ الجميع من تصريحات الدكتور سعد الدين الهلالي في برنامج «الحكاية» عبر فضائية «إم بي سي مصر» مع عمرو أديب يوم 8 يونيه 2021م، والتي تعرض فيها بالإطراء للحركة الوهابية، والقدح في الصوفية.
أثناء كتابة هذا الرد وجدنا الدكتور سعد الهلالي يخرج تزامنًا مع شهادة الداعية السلفي محمد حسين يعقوب، في برنامج «على مسئوليتي» المذاع على قناة «صدى البلد» مع أحمد موسى يوم 15 يونيه 2021م، ليقول: إن يعقوب أضاع فرصة للاتجاه السلفي لتصحيح الأفكار المغلوطة، أي أن الدكتور الهلالي قد أقر وتراجع عن مدحه للحركة الوهابية/ السلفية، وقال إن أفكارها مغلوطة خلال أسبوع، وهي خطوة حسنة يستحق الثناء عليها.
لكن الدكتور الهلالي حتى الآن لم يراجع ما قاله في حق السادة الصوفية مع عمرو أديب، ففكرة ربط التوازنات السياسية عند الأنظمة المصرية المتعاقبة بالصوفية منذ عشرينيات القرن الماضي، تصريح غير موفق كون أن الصوفية جزءٌ من المجتمع الوطني الفعال منذ أيام الأيوبيين والمماليك، وكانوا رموز الزعامة الشعبية في مصر قبل أن يقطع محمد علي باشا دابرها، ثم عادت مرة أخرى لتكون الصوفية كـمدرسة تخرج رموز مؤثرة في المجتمع المصري وتشارك في الأحداث الوطنية الكبرى داعمة لمصر، رغم أن الصوفية ليسوا جماعة سياسية.
=======
يا دكتور سعد: نرجو من حضرتك أن تعود لتعرف الدور المشرف للطرق الصوفية في مساندة الدول الإسلامية المتعاقبة وفي الفتوحات وفي صد العدوان الصليبي والمغولي عبر مقالات نشرت في أعداد مجلة (الإسلام وطن) في أشهر: جماد أول ورجب ورمضان 1438م.
كما أن للصوفية فضل واضح في نشر الإسلام عبر قارات العالم أجمع بدون إراقة أي دماء، في حين أن السلفية ما دخلوا مكانًا إلا وكفَّروا أهله واستحلوا دماءهم وأعراضهم وأموالهم، وللاستزادة نرجو من حضرتك أن تعود لقراءة كتاب “الهداية الصوفية والفتنة الوهابية” الكتاب (131) من سلسلة كتب الإسلام وطن.إن الصوفية كانوا دومًا عماد قوام هذه الأمة ودرعها المانع أمام محاولات إفساد العقيدة والاستعمار، ويكفيهم أنهم لم يرفعوا سلاحًا ضد أي مسلم عبر التاريخ، وعليكم قراءة كتاب “الصوفية ماضيها وحاضرها ومستقبلها” لسماحة السيد علاء أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية ورئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية.
بل إنك إذا أردت أن ترى الصوفية بعيون الحركة الوهابية السلفية، ستجد بنفسك كيف اعترفوا بفضل الصوفية، فارجع لكتاب “الصوفية في عيون سلفية” والذي أصدرته لجنة البحوث والدراسات بالطريقة العزمية.
=======
يا دكتور سعد: إن الصوفية ليسوا قوة سياسية حركية تعمل على الأرض مثل جماعة الإخوان، وكذلك ليسوا جماعة دعوية تعمل في فلك الدعوة على الأرض كالسلفية، وإنما الصوفية فصيل ليس له تصنيف ديني أو سياسي؛ لأن غاية التصوف هو التربية والسلوك، كما أن تلميحك بأن الصوفية خطر على الأمن القومي، ظلم بيِّن للسادة الصوفية، الذين لم يخرج من عباءتهم متطرف أو إرهابي طوال تاريخهم، ولم يتآمروا على أوطانهم بالتخريب أو الخيانة.
ثم إن الدولة التي نشأت فيها الحركة الوهابية/ السلفية- وهي الحركة التي مارست الطعن في الصوفية عبر القرنين الماضيين- اعترفت أن الحركة تم نشرها بطلب من الدول الغربية، حيث قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ردًّا على سؤال صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في 22 مارس 2018م، بأن "جذور الاستثمار السعودي في المدارس والمساجد تعود إلى فترة الحرب الباردة عندما طالب الحلفاء السعودية باستخدام مواردها لمنع الاتحاد السوفييتي من تحقيق نفوذ في الدول الإسلامية". واعتبر بن سلمان أن "الحكومات السعودية المتعاقبة ضلّت الطريق"، وأنه "يتوجب علينا اليوم إعادة الأمور إلى نصابها"، في ما يتعلق بتمويل الوهابية، لافتًا إلى أن هذا "التمويل اليوم يأتي بنسبة كبيرة من مؤسسات خاصة تتخذ المملكة مقرًّا لها، وليس من الحكومة". وكذلك فعل مشايخهم في مصر وخارجها فاعتذر عائض القرني، وقال: إنه ودعاة الصحوة سلكوا مسلك التشدد وخالفوا سماحة الإسلام، واعترف أبو إسحق الحويني بأنه أخطأ فى أحكامه طلبًا للشهرة، وندم على بعض كتبه الأولى، واعترف محمد حسَّان بأنه وقع منه بعض الأخطاء فى الخطاب الدعوى، وخالف منهج المصطفى، ورأيت بنفسك محمد حسين يعقوب وهو ينفي عن نفسه العلم، وينفي عن نفسه التبعية للسلفية؛ لأنها أصبحت مجلبة للعار.. فلماذا تستكمل طريقهم في مهاجمة الصوفية رغم أنهم سقطوا واعترفوا بأخطائهم؟!.
=======
يا دكتور سعد: نرجو أن تعود لتصحح ما قلته في حق السادة الصوفية، وقد تعاملت معنا، وجالستنا وجالسناك، ونشهد لك بالعلم والخلق والأدب، ونحن على يقين أنك ستعود للحق؛ لأن الحق أحق أن يتبع.