شارك المقالة:

-أساس دعوتنا  

- ما يجب على السالك فى هذا الدعوة  

- مأخذ دعوتنا  

- المحبة مبدأنا  

- غايتنا  

- لم كانت دعوتنا صوفية؟  

- مراقى السالك فى دعوتنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دعوتنا دعوة الوسطية ، منارة ومحجة للسالكين إلى الله .. وعزما وبأسا وإرادة منتصرة للمجاهدين فى الحياة، وأفقا أعلى للفكرة الإسلامية، وقوة إيجابية تحمى الإسلام، وتصون عقائده ، وتنشر دعوته، وتناضل تحت رايته، وتحمى جماهيره وتفكيره من الضعف والانحلال، والغبار الوثنى، والزيغ الإلحادى .

جاءت دعوتنا تقدم لأبنائها ورواد مناهلها زاد الإيمان ولباس التقوى وروح الإسلام وأفقه الأعلى، وتلهمهم قوة النضال وعزيمة الجهاد، وتضفى عليهم أخلاق الأنبياء وآداب المرسلين، وروح الكتاب المبين.

أساس دعوتنا :

دعوة آل العزائم ، هى ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان - رضى الله عنهم جميعا - ، و أساسها مقام الإحسان بعد مقام الإسلام والإيمان، والسالك فى هذه الدعوة، يجب عليه أن يكون محصلا ما لابد له من العقيدة الحقة، والعلم بأحكام العبادات والمعاملات والأخلاق، كما هى سنة المرشدين .

ما يجب على السالك فى هذا الدعوة :

أولا : المحبة لله ورسوله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾  وفيهما، فالإيثار، فالغيرة لله ولرسوله، فالمجاهدة فى سبيل الله تعالى .

ثانيا : يتعين على السالكين فى هذه الدعوة ، أن يكون كل رجل منهم متعلما ممن فوقه فى العلم، ومعلما لغيره، فإن من فهم مسألة فى العلم صار عالما بها  . والمتعين على كل رجل أن  يبدأ بنفسه حتى تسلم تسليما حقا لله تعالى فى حكمه الشرعى وحكمه القدرى .

ثم يدعو والديه وأهله وأولاده بالحكمة والموعظة الحسنة فإن ذلك واجب عليه كما يجب عليه السعى فى معاشهم . ثم يدعو جيرانه وعشراءه بالحكمة واللين، والدعوة بالعمل فوق الدعوة بالقول .

ثالثا : يجب على السالك فى دعوتنا أن يحرص على صحة الإخوان الروحانية بالتواضع وحفظ غيبتهم وستر عورتهم وإيثارهم على نفسه، حتى يكون جسد الإخوان صحيحا سالما من الأمراض .

رابعا : يجب على كل طالب لله فى دعوتنا، أن ينافس فى تحصيل العلم وفى أعمال يعملها فى خلوته من صلاة بالليل، وصيام بالنهار وتلاوة للقرآن، وصلاة على النبى ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ .

خامسا : يتعين على المريدين من الأفراد، أن يكون لكل فرد منهم سياحة روحانية، يفتتحها بالفكر فى آلاء الله أو فى حكمة الأحكام الشرعية أو القدرية أو باستحضار رابطة المرشد، حتى يحصل له التجريد، وترد عليه الواردات الروحانية، أو يقتبس قبسا من نور المشكاة المحمدية ليعلم كل راغب فى نيل رضوان الله، ومبتغ فضله ورضوانه أن أكمل علامة لقبول الله تعالى وإقباله سبحانه ما يجمل الله به المريد من الأخلاق الروحانية، والأعمال السنية، والصفات الملكوتية، حتى يكون المريد صورة كاملة للمرشد الدال على الله تعالى.     

مأخذ دعوتنا :

1 – كتاب الله تعالى بعد علم محكمة ومتشابهه وناسخه ومنسوخه، عملا بالمحكم وإيمانا بالمتشابه ، بقدر الاستطاعة وتركا للمنهى عنه جملة واحدة إلا لضرورة شرعية .

 2- أقوال رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ بعد العلم بصحة السند فيما يؤدى إلى علم اليقين، والأخذ بأقواله بدون ملاحظة إلى السند فيما يؤدى إلى فضيلة أو مكرمة، وأعماله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ التى تثبت من طرقها الصحيحة، وأحواله ﴿ صلى الله عليه وآله وسلم﴾ المبينة فى كتب السيرة الصحيحة، التى يستند بها المرشد عند مقتضيات ذلك .

3 – هدى الخلفاء الراشدين وأئمة الصحابة المأخوذ من تراجمهم رضى الله عنهم، والأخذ بالعزائم فى كل ذلك .

4 – أعمال السلف الصالح وأئمة المسلمين، ومواجدهم الصادرة عن عين اليقين وصدق التمكين، وصفاء الضمير، والإخلاص فى المعاملة لرب العالمين .

5 – طمأنينة القلب بعد العلم بكل ذلك، حالة دخوله فى العمل، أو القول أو الحال، لأن كل ذلك خالص لوجه الله تعالى، بحيث أن السالك فى هذه الدعوة إذا لم يستبن له الأمر فى كتاب الله و لا فى سنة رسول الله﴿ صلى الله عليه وآله وسلم﴾ أو فى هدى السلف الصالح ، يلزمه أن يتوقف حتى يطمئن قلبه أنه خير، وأنه خالص لله تعالى .

المحبة مبدأنا :

أساسنا الأول : المحبة، و لا ينال الإنسان المحبة إلا بعد العلم بثلاثة أصول:

1 – العلم بصفات المحبوب     2 – العلم بأخلاقه    3 – العلم بما يحبه .

  وهذا الأساس – المحبة – هو الأصل الذى أسس عليه الدين، ولولاه ما صبر رسول فى الدعوة إلى الله تعالى، ولا بذل الأنصار والمهاجرون نفوسهم وأموالهم وأوطانهم فى سبيل محبوبهم، ولا صبر عبد على صلاة ولا صيام ولا حج، ولا بر ولا صدقة ولا جهاد، ومن لم يذق صافى شراب المحبة وملأ بطاح الأرض وصفاح السماء بالعبادة فإنما هو أجير سوء، وما أثنى الله سبحانه فى كتابه على أصحاب رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ إلا بالأعمال التى أنتجتها المحبة، فلم يقل : يصلون ولا يصومون ولا يحجون فى مقام الثناء، ولكنه قال : ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾([2]) وقال : ﴿ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ﴾ ([3]) وقال : ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ ([4]) وقد وردت أحاديث كثيرة فى الثناء على رجال من الصحابه بما قاموا به من الأحوال الدالة على كمال المحبة . قال ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ : ( أبو بكر وعمر منى بمنزلة السمع والبصر )([5]) وقال ﴿صلى الله عليه وآله وسلم﴾ للأنصار : (إنكم لتكثرون عند الفزع ) والآيات القرآنية  والأحاديث الواردة فى الثناء والشكر من الله تعالى لا تحصى .

فكل رجل من رجال هذه الدعوة ينبغى أولا أن يحصل المحبة، ومتى عقد القلب على قدر حبة من المحبة جذبته العناية إلى الله تعالى فأحبه سبحانه، والمحب كيف يخالف محبوبه ؟!! فمن فعل مكروها أو ترك مندوبا من أحكام الشريعة، وادعى أنه سالك فى طريقنا هذا، فدعواه تحتاج إلى حجة .

غايتنا  .. إعادة المجد الذى فقده المسلمون ([6])

لعل أخا يسألنا قائلا : ما هو المجد الذى فقده المسلمون حتى يمكن أن يسعوا بعد العلم به بالعمل لتجديده ؟ فنجيبه : نحن لا نريد بالمجد الذى ننبه النفوس إلى تجديده قلة عدد المسلمين ليكثروا، ولا قلة المساجد المشيدة فى المدن لنزيدها، ولا قلة المعاهد العلمية التى كنز لها السابقون كنوز الإنقاذ لريعها، ولا ولا ولا ... ولكننا نقصد بالمجد الحقيقى الذى هو الروح الحقيقية الإسلامية التى تسرى فى القلوب فتجملها باليقين، وفى الأجسام فتنشطها للقيام بعظائم الأعمال، وتحتقر فى عين المسلم صغارها .

هذا المجد الذى جعل المسلمين بعد القلة يكثرون، وبعد الذلة يعزون، وبعد الجهالة يعلمون، وبعد الخوف يخيفون، وبعد أن كانوا مملوكين يملكون . هذا المجد الذى كان يجعل المسلم وهو فى مياة الهند يلبى أخاه وهو فوق جبال البرينات فى الأندلس، هذا المجد الذى جعل المسلم وهو فوق منبر المدينة المنورة، ينادى أخاه وهو على سفح جبال سوريا فيسمع نداءه، هذا المجد الذى كان كل مسلم فيه مع كثرة عددهم واتساع ملكهم واختلاف ألوانهم وترامى بلدانهم، كعضو للمجتمع بأجمعه يعمل لخير الكل غير ناظر لنفع نفسه، وإنما يحب نفسه ويحب لها البقاء ليعمل للخير العام . هذا المجد الذى جعل الأمم المختلفة الأخلاق والأنساب والعادات والبقاع، يمتزج بعضها ببعض ويزدوج بعضها مع بعض وتتجنس بجنس واحد هو الإسلام، وتقوى تلك الرابطة حتى تحصل الألفة التى تجعلهم كجسم واحد موصل جيد التوصيل للحرارة، بحيث لو أن جزءا صغيرا منه مسته الحرارة ارتفعت درجة حرارة الجسم كله مع تنائى أطرافه وعظم جسمه . وكذلك كان المجتمع الإسلامى متحدا اتحادا بحيث لو أن أدنى مضرة ألمت بأصغر فرد منهم شعر المجتمع بأجمعه باللم، وقام كل فرد كأنه المجتمع يدفع الشر ويجلب الخير.

هذا المجد الذى جعل كل فرد من المسلمين كأنه أمة بعينها يؤمن من شاء، ويضمن على الأمة ما شاء، ويعاهد فلا يخفر أحد ذمته، ولا ينقض بيعته ولا يرد أمانته .

     هذا المجد الذى جعل الألسنة مع كثرتها كأنها لسان واحد، لأنها لا تنطق إلا بالحق ولو عليها، وجعل القلوب قلبا واحدا لأنها لا تطمئن إلا بالحق ولو عليها، وجعل الأيدى يدا واحدة لأنها لا تحرك إلا لعمل بسنة أو لدفع ضلالة مبتدعة، وجعل الأرجل رجلا واحدة، لأنها لا تنتقل إلا لقربات أو مكرمات . هذا المجد الذى سوى بين بنى الإنسان حتى ارتفع التمييز بين القرشى والعجمى . وهذه هى الضالة التى ننشدها، والمجد الذى فقده المسلمون ونسعى لتجديده .

لم كانت دعوتنا صوفية :

لأن الصوفية هم أنصار الله، والنجدة عند الشدة، والقوة عند الضعف، والحصون عند الخوف .

لأن الصوفية إذا غضبوا لله غضب الله لهم، وإذا دعاهم الحق لبوه رخيصة دماؤهم حنينا إلى الموت فى سبيله .

لأن الصوفية متى تحركوا لله لا يسكنون حتى يظهر الحق أو يتصلوا بدار الحق .

لأن الصوفية هم الأنوار التى تشع فى حالك الظلمات فتمحوها، كثرت أعمالهم، وقلت أقوالهم، خافوا مقام ربهم، ونهوا النفس عن الهوى .

لأن الصوفية لهم جانب مع الله تعالى، إذا سألوه استجاب لهم، ولهم أعمال خالصة لذات الله تعالى، إذا قاموا بها كان الله معهم ولهم .

مراقى السالك فى دعوتنا ([1]) :

لابد للسالك فى دعوتنا من خصال سبع و هى :

1 – الصدق فى الإرادة وعلامته إعداد العدة .

2 – لابد له من التسبب إلى الطاعة، وعلامة ذلك هجر قرناء السوء .

3 – لابد له من المعرفة بحال نفسه، وعلامة ذلك استكشاف آفات النفس .

4 – لابد له من مجالسة عالم بالله، وعلامة ذلك إيثاره على ما سواه .

5 – لابد له من توبة نصوح، فبذلك يجد حلاوة الطاعة ويثبت على المداومة، وعلامة التوبة قطع أسباب الهوى، والزهد فيما كانت النفس راغبة فيه .

6 – لابد له من طعمه حلال لا يذمها العلم، وعلامة ذلك الحلال المطالبة عنه وحلول العلم فيه يكون بسبب مباح وافق فيه حكم الشرع .

7 – لابد له من قرين صالح يؤزارة على ذلك، وعلامة القرين الصالح معاونته على البر والتقوى، ونهيه إياه عن الإثم والعدوان .

 


([1])  راجع كتاب " أصول الوصول لمعية الرسول ﴿ صلى الله عليه وآله وسلم﴾ " للإمام المجدد أبى العزائم ص 143 .


  ([1]) من كتاب " الطهور المدار على قلوب الأبرار " للإمام المجدد ص 18 : 20 .

[2]) ) سورة الحشر آية 9 .

([3])  سورة الحشر آية 9 .

([4])  سورة الأحزاب آية 23 .

([5])  أورده المتقى الهندى فى كنز العمال .

([6])  راجع كتاب " وسائل إظهار الحق " ص 31 – 32 .