قصة حياة السيد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام [1]

16/06/2022
شارك المقالة:

سيدنا عيسى عليه السلام آية فريدة : 

قال تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[آل عمران:59].

إن الله تعالى خلق سيدنا آدم عليه السلام من غير أب وأم وخلق السيدة حواء من غير أم وخلق سائر المخلوقات من أب وأم ، فأراد الله أن يكمل العناصر أربعة فخلق سيدنا عيسى عليه السلام من غير أب فكانت هذه قدرة الله سبحانه وتعالى وبديع حكمته.

وكان سيدنا عيسى عليه السلام وأمه آية من الآيات الفريدة فى عالم الخلق والتكوين، ولم يكن لهذه الآية مثيلا فى العالمين.

اسمه بالعبرية ( يشوع ) وتنطق بالعربية ( يسوع ) وقد ذكره القرآن الكريم بـ (المسيح) عيسى بن مريم .

أمه عليها السلام :

أمه هى السيدة مريم عليها السلام ، كان أبوها رجلا من بنى إسرائيل يقال له : عمران و، كان إماما للأحبار ، ينتهى نسبه إلي سيدنا سليمان بن سيدنا داود عليهما السلام . وأمها " حَنة بنت فاقود بن قبيل " امرأة عابدة ، وهى أخت زوجة سيدنا زكريا عليه السلام.

ميلاد السيدة مريم عليها السلام :

مات أبوها رضى الله عنه وترك زوجه حاملا بها ، فنذرت أمها ما فى بطنها لله بحيث تجعله خادما لبيت المقدس ، وقد كانت أم مريم لا تحبل فرأت يوما طائرا يُطعم فرخا له فحنت إلى الولد وكانت عاقرا قد تجاوزت سن الحمل ، فنذرت لله ان حملت لتجعلن ولدها محررا أى حبيسا فى خدمة بيت المقدس ، فحاضت من فورها فلما طهرت واقعها بعلها فحملت بمريم عليهاالسلام وهى لا تعلم أن حملها أنثى ، فدعت الله تعالى أن يقبل منها نذرها وأن يرزقها بهذا الغلام الذى نذرته لله تعالى قائلة فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[آل عمران : 35] .

وبالفعل وضعت السيدة حَنة أنثى وهو قوله تعالى : (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[آل عمران:36] .

تنافس الأحبار وفوز سيدنا زكريا بكفالتها :

فلما وُلدت السيدة مريم أخذتها أمها حنة فلفتها فى ثوب وتوجهت بها إلى بيت المقدس ووضعتها بين أيدى الأحبار أبناء هارون ، وهم يومئذ ثلاثون فى بيت المقدس كما يلي الحجبة أمر الكعبة . فقالت لهم : دونكم هذه النذيرة ، فتنافس فيها الأحبار لأنها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم ، فقال لهم سيدنا زكريا عليه السلام : أنا أحق بها منكم لأن عندى خالتها، فقالت له الأحبار: لا تفعل ذلك فإنها لو تركت لأحق الناس وأقربهم إليها لتركت لأمها التى ولدتها ، ولكنا نقترع عليها فتكون عند من خرج سهمه ، فاتفقوا على ذلك ، ثم انطلقوا وكانوا تسعة عشر رجلا إلى نهر جار، وهو نهر الأردن ، وقالوا : أينا يثبت قلمه ( الذى يكتب به التوراة ) فى جرية الماء فهو كافلها. فثبت قلم سيدنا زكريا فى جرية الماء ولم يقذف به التيار كما قذف أقلامهم ، فكفلها سيدنا زكريا بعد فوزه بالإقتراع ثلاث مرات بإذن الله ، فضمها إلي نفسه وقام بأمرها مع خالتها أم يحيي ، واسترضع لها حتى نشأت وبلغت مبلغ النساء .

سكن السيدة مريم :

 لما نشأت وبلغت مبلغ النساء أسكنها غرفة عالية فى بيت المقدس ، وكانت غرف بيت المقدس تسمى محرابا ، وجعل بابها إلي وسط الغرفة لا يرقى إليها إلا بسلم مثل باب الكعبة ، فلا يصعد إليها غيره ، وكان يأتيها بطعامها وشرابها ودهنها فى كل يوم . فكانت تعبد الله فى هذا المحراب وتقوم بما يجب عليها من سدانة البيت إذا جاءت نوبتها، وتقوم بالعبادة ليلها ونهارها حتى صارت يضرب بها المثل بعبادتها فى بنى إسرائيل واشتهرت بما ظهر عليها من الأحوال الكريمة والصفات الشريفة ، حتى إنه كان نبى الله زكرياعليه السلام كلما دخل عليها موضع عبادتها يجد عندها رزقا غريبا فى غير أوانه ، فكان يعجب كل العجب لأنه كان يغلق عليها سبعة أبواب .  فيسألها (أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا)[آل عمران : 37] فتقول : وهو قوله تعالى : (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران : 37] .

دعاء سيدنا زكريا عليه السلام :

عند ذلك طمع سيدنا زكريا فى هذا الفضل العظيم من الله سبحانه وتعالى فى أن يرزقه الله ولدا من صلبه وإن كان قد أسن وكبر ، فدعا الله فى هذا المكان الطيب المبارك قائلا يامن يرزق مريم الثمر فى غير أوانه هب لى ولدا وإن كان فى غير أوانه وهو قوله تعالى (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ ) [آل عمران : 38- 39] .

كفالة يوسف النجار للسيدة مريم :

ثم أصابت بنى إسرائيل أزمة وهى علي ذلك من حالها الطيب الطاهر النقى ، ثم ضعف سيدنا زكريا عليه السلام عن حملها فخرج إلي بنى إسرائيل ، فقال : يابنى إسرائيل تعلمون والله أنى قد كبرت وضعفت عن حمل ابنة عمران فأيكم يكفلها بعدى؟  فقالوا : والله لقد جهدنا وأصابنا من الجهد ما ترى ، فتدافعوها بينهم ، ثم لا يجدون من يحملها فتقارعوا عليها بالأقلام فخرج السهم علي رجل صالح نجار من بنى إسرائيل يقال له : يوسف ابن يعقوب ابن ماتان ، وكان ابن عم مريم فحملها . فعرفت مريم فى وجهه شدة مؤنة ذلك عليه ، فقالت له : يايوسف أحسن الظن بالله فإن الله سيرزقنا ، فجعل يوسف يرزق لمكانها منه فيأتيها كل يوم من كسبه بما يصلحها ، فإذا أدخله عليها أنماه الله وكثره ، فيدخل سيدنا زكريا إليها فيرى عندها فضلا من الرزق ليس بقدر ما يأتيها به يوسف ، وكانت السيدة مريم ويوسف النجار يليان خدمة البيت ، وكانت مريم إذا نفد ماؤها وماء يوسف أخذ كل واحد منهما قلته وانطلق إلي المغارة التى فيها الماء فيستقيان منه ، ثم يرجعان إلي البيت .

وللحديث بقية