شارك المقالة:

الإمام السيد عز الدين فى ظل جده ووالده

======================

إن جوانب العظمة فى رموز أهل البيت الأكرمين من الكثرة بمكان ، بحيث أن الواصف لهم أو المتكلم فى حقهم ليعجز عن الإحاطة بقدرهم بعد أن وصفهم الحق فى كتابه بقوله : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرً)[الأحزاب:٣٣] ، وسلم عليهم فقال : (سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ)[الصافات:١٣٠] وأثبت لهم الرحمة والبركة فقال : (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ)[هود:٧٣] ، وبعد أن بين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدرهم فى الأمة بقوله : (إنَّما مَثَلُ أهلِ بيتي فيكم كمَثَلِ سفينةِ نوحٍ مَن ركِبها نجا ومَن تخلَّف عنها غرِق).

ونحن الآن أمام رمز من رموز أهل البيت عليهم السلام فى العصر الحديث ، إنه الإمام بن الإمام بن الإمام ، إنه الرحمة الحسنية والشجاعة الحسينية ، ابن الأكرمين الإمام السيد عز الدين ماضى أبو العزائم ، محامي أهل البيت والأولياء الصالحين .

[نسبـــه الكريـــم] :

تفرع الإمام السيد عز الدين ماضى أبو العزائم من أصلين كريمين ، فوالده هو الإمام الممتحن السيد أحمد ماضى أبو العزائم وجده لأبيه هو الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم سليل أهل بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسنى الحسينى ، أما والدته فهى ابنة التقى الورع والتلميذ الصادق العقائدى فى دعوة آل العزائم الحاج أحمد إسماعيل السوسى رضى الله عنه من أعيان المنيا وهو الذى شهد له الإمام أبو العزائم بقوله :

يا أحمد السوسى نلت مقاما ***** وسكينة وتقربا وسلاما

قضيت طور الامتهان بهمة **** ومنحت شوقا محرقا وغراما

فاشكر مفيض الخير ربك واحمدن **** فلقد حباك المنعم الإكراما

[البشــــرى بمــــولده] :

كان زواج الإمام السيد أحمد ماضى أبى العزائم يوم 5 ربيع الأول عام 1334ه الموافق 10/1/1916م .. وذلك فى العام الثانى والعشرين من عمره المبارك ، وقام الزواج المبارك على المودة والرحمة ..

واستمر ذلك الزواج المبارك دون إنجاب لمدة عشر سنوات ، وقد نال الإمام السيد أحمد نصيبا من الوراثة المحمدية فى هذا الشأن ، حيث آذى المشركون سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين لم يعش له ولد ، فقالوا : هو أبتر - أى : مقطوع النسل ، فنزل قول الله تعالى يرد كيدهم ويدحض حجتهم : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ)[سورة الكوثر: ١-٣] ، وإن من معانى الكوثر : الخير الكثير ، وحقا لقد كان الخير الكثير من نسل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. كذلك فقد لقى الإمام السيد أحمد وزوجه ما لقياه من شماتة الناكثين وحسد المارقين ، فرحين بعدم إنجاب الإمام السيد أحمد إيذانا لانقطاع نسل الإمام أبى العزائم ، فصبر الزوجان على هذا الإيذاء ، وإذا بالإمام المجدد يطلب ولده الإمام السيد أحمد وزوجه ليزف لهما البشرى ، فلما حضرا قال الإمام المجدد للإمام السيد أحمد : ( لقد جعل الله الخلافة عنى فى عقبك !! وقرأ على رأسه قول الله تعالى : (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ)[الزخرف :٢٨] ، ثم بشره الإمام المجدد بالذرية القادمة من صلبه على الترتيب الذى ولدوا فيه بدءا من مولد ابنه الأكبر سماحة السيد عز الدين عام 1926م وانتهاء بمولد سماحة السيد علاء الدين - أطال الله فى عمره - عام 1943م .. حيث قال له الإمام المجدد : إننى أرى فى صلبك : [ عز الدين - عصام الدين - عنايات - عواطف - عبلة - علاء الدين] .. وكان الأمر كما بشر الإمام المجدد قدس الله سره تماما ..

[مـــولده الشـــريف] :

وجاءت البشرى بالمولود الأول للإمام السيد أحمد كما بشر الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم وهو الإمام السيد عز الدين الذى سماه جده الإمام المجدد قدس الله سره وهو فى عالم الغيب ، فكان مولده الميمون يوم الجمعة الخامس من جمادى الثانية سنة 1345هـ الموافق الحادى عشر من نوفمبر عام 1926م بسمالوط بالمنيا ، شأنه شأن والده الإمام الممتحن السيد أحمد ماضى أبو العزائم الذى ولد أيضا بمدينة المنيا التى بدأت منها دعوة الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم والذى كان يوليها اهتماما كبيرا ، وشاء المولى سبحانه أن يكون يوم مولده عزا لدعوة آل العزائم ، ففى يوم مولده الميمون ؛ كان امتلاك جده الإمام المجدد لسراى آل العزائم بالقاهرة ، تلك السراى التى انبعث منها صوت دعوة آل العزائم .. وأشرقت شمسها بأشعتها النورانية المحمدية .

[نشــأتـــه] :

نشأ الإمام السيد عز الدين على عين جده ووالده ، فكانت العين الحقيقية والعناية الكاملة للإمام المجدد تحيط مولانا السيد عز الدين ، فكان فى طفولته هو المحبوب المطلوب المراد لجده الإمام المجدد أبى العزائم قدس الله سره ، وقد اصطفاه جده الإمام من بين أحفاده الكثيرين ، ورأى فيه ذاته ونفسه ، فكان الإمام المجدد كلما رأى حفيده يحتضنه ويغمره بحبه ويؤثره بحنانه داعيا له قائلا له : ( أعزك الله يا بنى .. وأعز بك والديك ) ، كذلك كان السر السارى بين والده وجده ، فذات يوم أراد الإمام السيد أحمد والد سيدى عز الدين أن يقبل الإمام المجدد والده ، ولكنه أرسل ولده السيد عز الدين ليقوم بذلك نيابة عنه ، فأقبل سيدى عز الدين على الإمام المجدد يقبله فى وجهه ، ويكشف الإمام السيد أحمد عن تلك الإقامة فيقول لولده الإمام السيد عز الدين : (( أنت حقيقتى فى حياتى .. وصورتى الباقية بعد مماتى )) ، وتستمر حضانة ورعاية الإمام أبو العزائم لحفيده المحبوب السيد عز الدين ، فكان إذا خرج الإمام المجدد ذاهبا إلى ذهبيته فى النيل أو إلى حديقة الحرية لممارسة الرياضة الروحية يكون فى صحبته ولده الإمام الممتحن وحفيده الإمام السيد عز الدين.

وقد كانت طفولة الإمام السيد عز الدين عليه السلام تشير إلى علو مكانته ، وقد كان الإمام المجدد أبو العزائم يقول له كثيرا : (يا عز العزميين .. ويا غيظ المنافقين ) ، وكان العارفون من خواص تلاميذ جده الإمام المجدد أبى العزائم قدس الله سره يرون فيه علامات الولاية والوراثة والاجتباء !!. ومنهم الشيخ العالم على إسماعيل المصرى الذى تتلمذ على يدى الإمام المجدد أبى العزائم وتأثر به وأفنى حياته فى سبيل دعوة آل العزائم ، كان إذا رأى سيدى عز الدين فى طفولته يقف إجلالا له ، وكان يفعل ذلك معه وحده كلما رآه ، بالرغم من كثرة أحفاد الإمام المجدد قدس الله سره!! ، وحين سئل عن سر قيامه لحفيد الإمام المجدد ؟!! أجاب قائلا : إنه الوارث فى عصره .. ورجل الوقت فى زمنه ، وهو صورة الوراثة المحمدية الكاملة !!

وبعد انتقال الإمام المجدد أبى العزائم قدس الله سره عام 1356ه الموافق 1937م ؛ تولى الإمام الممتحن السيد أحمد ماضى أبو العزائم إمامة دعوة آل العزائم ، وكان عمر سيدى عز الدين وقتئذ أحد عشر عاما ، حيث رباه والده الإمام الممتحن التربية المثلى ، وغرس فيه كل المثل العليا التى تلقاها عن والده الإمام المجدد قدس الله سره ، ليظهر للمسلمين صورة كاملة تنطق بعظمة دعوة آل العزائم .

ومما رواه الإمام السيد عز الدين من دروس التربية التى تلقاها عن والده الإمام الممتحن هو وإخوته قال : كان والدى الإمام الممتحن نضر الله وجهه يقول لنا ونحن فى عمر الطفولة : من الذى يريد أن يقبّل الجنة ؟!! فكنا نرفع أيدينا برغبتنا جميعا فى تقبيل الجنة ، مع التعجب من كيفية حصول ذلك التقبيل !! فكان والدى الإمام الممتحن يقول لنا : اذهبوا إلى قدم أمكم وقبلوها من تحتها لأن الجنة تحت أقدام الأمهات !! .

[دراسـتـــه] :

التحق بالمدارس الثانوية ثم التحق بالجامعة بكلية الحقوق وفى كل تلك المراحل ووالده الإمام الممتحن يعده لتحمل أمانة الدعوة ، ويعهد إليه بإعداد التراث العلمى لجده الإمام المجدد أبى العزائم ، ويجعلها مهمته الكبرى .. إذ ليس لهذه المهمة سواه .

[عملــــــه] :

عمل محاميا بالنقض ، وشغل وظيفة مدير إدارة القضايا بشركة مصر للبترول ، وقد اتخذ من مهنة المحاماة ذراعا قوية للدفاع عن أهل البيت والأولياء الصالحين ، فكانت صولاته فى الحق لا تعد ، وكثيرا ما اتخذ أسلوب القضاء والدفاع والمرافعة والاستجواب فى الفصل فى القضايا الدينية والسياسية وغيرهما ، وكأنه حكم ما بين مدعى ومدعى عليه ، فيصدر الحكم بالدليل الدامغ الذى لا يقبل الشك ولا الطعن ، وقد ظهر ذلك جليا فى زياراته للبلاد ومحاضراته التى كان غالبا ما يتتبعها الخوارج للرد والتشكيك أو إشاعة الفوضى فى وجوده ، ولكن كان سيف الحق فى يد الإمام السيد عز الدين قويا لا ينكسر ولا ينهزم ، ومما روى فى أحدى الزيارات لسماحة السيد عز الدين لإحدى القرى ، وقبل صعود الخطيب الذى كلفه الإمام السيد عز الدين المنبر فوجىء السيد عز الدين أن القائمين على المسجد يمنعون الأذان الثانى للجمعة والذى سنه سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه بعد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأمر السيد عز الدين بإقامته ، وبعد الصلاة قام أحد المصلين ينكرون الأذان الثانى استنادا إلى فعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإذا بالسيد عز الدين يناقش هذا الرجل ويقول : يابنى ؛ بحكم عملى فى المحاماة ؛ نفترض أن موضوع الأذان الثانى عبارة عن قضية بين خصمين وسيحكم فيها قاضٍ ، فالخصمان هما أنت وسيدنا عثمان ، والقاضى هو سيدنا رسول الله ، فمن تظن أن يحكم له سيدنا رسول الله ؛ أنت أم سيدنا عثمان ؟ فسكت الرجل برهة ، ثم قال : سيحكم لسيدنا عثمان . فقال الإمام السيد عز الدين للرجل : إذن يابنى ؛ لماذا تدخل نفسك فى قضية خاسرة ؟!! .