شارك المقالة:

إن قصة الإسراء التي أشار إِليها القرآن الكريم هي معجزة من أكبر المعجزات التي اختص الله بها حبيبه محمدا صلي الله عليه وسلم ، ليقيم الحجة على الكفار والمنافقين أن ما جاءهم به هو الحق ، فإنه عليه الصلاة والسلام قد وصف لهم موضع المسجد الأقصى ومحتوياته كما عرفوها، ولم يبرح مكانه من مكة فيما يعتقدون ، ثم أثبت لهم بالدلائل المحسوسة التي لا تقبل الشك، ولا يعتورها الضعف ، أنه أسرى به إلى بيت المقدس ، ثم إلى الرفيق الأعلى ، ونزل القرآن مصدقا لما بين يديه ومهيمنا عليه ، فأيده في كل ما روى ، وأثبت أنه رأى ربه عند سدرة المنتهي ، وما كذب الفؤاد ما رأى ، وأنه دنا فتدلي ، فكان قاب قوسين أو أدني ، ولكن العقل المحجب في ظلمات الكون الذي لا يؤمن بغير المادة ولا يرى إلا بعيون الحس ، ينكر الإسراء أو يتردد في التسليم به. ومن هنا استطاع بعض فلاسفة الملحدين أن يلجوا من هذه الثغرة للتشكيك في حقيقة الإسراء وتعارضها مع العقل ، كما حاولوا مثل ذلك في كثير من دعائم الدين الإسلامي وعقيدته ، ولست أدرى كيف ينكر أمثال أولئك الأغبياء قصة الإسراء ، ويتجرأون على القول بأنها مخالفة للعقل

الإسراء فوق العقل :

إن العقل مهما سما تفكيره ، وعلت مداركه ، لا يستطيع أن يدرك الكثير مما يحيط به من الحقائق الكونية ، ولا أن يصل إِلى كنهها ، ومع ذلك فهي حقائق ثابتة يرى آثارها وينتفع بها و يؤمن بها كامل الإيمان دون أن يعرف ما هيتها أو يدرك حقيقتها.

أيها العقل : إِنك تحكم أن الشمس قدر الأرض آلاف المرات ، سابحة في أفقها من غير عمد تحملها ، فهل وصلت إِليها حتى تؤمن بها وتحكم عليها ؟

وكذلك تؤمن بوجود النور والظلمة وتيار الكهرباء ، والتيار اللاسلكي ، وترى آثارها التي تدهش وتحير ، ثم تقف منها مكتوف اليدين لا تستطيع الحكم عليها ، ولا الوصول إِلى معرفتها.

بل خبرني أيها العقل ما هي حقيقتك أنت ؟ وأين موضعك من الجسم ؟ هل تقوي على أن تصف نفسك أو تدرك كنهك ؟ فالله الذي حيرك فيما يراه حسك ، وأعجزك عن إِدراك نفسك ، هو الذي أسرى بحبيبه إِليه وأشهده بدائع آياته ، وطاف به سماواته في أقل من لمح الطرف. وهو سبحانه القادر القوى جل عن أن يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، وإِذا كان العقل الإنساني المجرد قد وصل ما بين أطراف الأرض ، وتحكم في عناصر الوجود، ومحا فروق الزمان وأبعاد المكان فكيف بربك العظيم أيها الإنسان ؟ ؟

مع السيدة زينب عليها السلام

السيدة زينب عليها السلام فقيهة الدين، عارفة الأحكام، صادقة الحديث، حفيدة سيد النبيين وحبيب رب العالمين، التي أشرقت الأرض بطلعتها وبمولدها في السنة الخامسة من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم