فرحة الأرض والسماء بمولد الإمام الحسين عليه السلام

21/02/2023
شارك المقالة:

لما كانت السنة الرابعة من الهجرة آن أوان إشراق شمس جديد من شموس أهل البيت عليهم السلام ، وذلك بعدما ولد الإمام الحسن عليه السلام بسنة ، فلما أوشك حمل السيدة الزهراء عليها السلام أن تكتمل أيامه ، بدأ بيت الإمام على عليه السلام يستعد لاستقبال مولود جديد آخر ، وفى شهر شعبان بدأ المخاض وجلس الإمام على وفى حجره ابنه الإمام الحسن فى انتظار الصارخ ، ولا زال كذلك حتى سمع صوت الوليد المبارك فبشروه بمولود ذكر ، وجال فى خاطره أن يسميه حربا ليكون حربا على الكافرين ، لكنه لم يجزم بذلك ، بل فوض الأمر إلى رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] ، وذهب البشير إلى المصطفى [صلى الله عليه وآله وسلم] ليزف إليه البشرى ، فهرول [صلى الله عليه وآله وسلم] إلى دار ابنته يفيض وجهه بشرا ويمتلىء قلبه شوقا للنظر إليه ، فقال [صلى الله عليه وآله وسلم] : أرونى ابنى ،  فاحتمله بين يديه وأذن فى أذنيه ، فكان أول ما قرع سمعه صوت النبى [صلى الله عليه وآله وسلم] ، وحنكه بريقه ، وسأل رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] : "ما سميتموه ؟ ، فذكر له الإمام على ما كان يجول بخاطره من تسميته حربا ، فقال له المصطفى [صلى الله عليه وآله وسلم] : بل هو حسين"[مسند أحمد] .

وعن الإمام على عليه السلام قال : عق رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] عن الحسين بشاة فقال : (زني شعرَ الحُسَيْنِ وتصدَّقي بوزنِهِ فضَّةً وأعطي القابلةَ رِجلَ العقيقةِ)[الشوكانى فى نيل الأوطار] .

وقد ابتهجت مدينة رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] بمقدم الإمام الحسين عليه السلام كما ابتهجت من قبل بمقدم أخيه الحسن عليه السلام .

بل سرَت البشرى فى السماء بمولده عليه السلام ، فقد روى العلامة الشيخ ابراهيم الحمويني باسناده عن مجاهد قال : قال ابن عباس سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : لما ولد الحسين بن علي ، وكان مولدهُ عشية الخميس ليلة الجمعة، أوحى الله عزّ وجلّ إلى مالك خازن النار : أخمد النيران على أهلها لكرامة مولود وُلد لمحمد في دار الدنيا ، وأوحى الله تبارك وتعالى إلى رضوان خازن الجنان : طيّبها لكرامة مولود وُلِد لمحمد في دار الدنيا ، وأوحى الله تبارك وتعالى إلى حور العين أن تزينوا وتزاوروا لكرامة مولود وُلِد لمحمد في دار الدنيا ، وأوحى الله إلى الملائكة : أن قوموا صفُوفاً بالتسبيح والتحميد والتكبير لكرامة مولودُ وُلِدَ لمحمد في دار الدنيا ، وأوحى الله عَزّ وجَلّ لجبرائيل : أن اهبط إلى النبي محمد في ألف قبيل[1] أن هنّؤا محمداً بمولوده ، وأخبره يا جبريل أني قد سميته الحسين ، فهَنّئهُ وعزّهِ ، وقل له: يا محمد تقتلهُ شر أمّتك على شرّ الدواب ، فويل للقاتل وويلٌ للسائق وويل للقائد ، وقاتل الحسين أنا منه بريء وهو مني بريء ، لأنه لا يأتي يوم القيامة أحد إلا وقاتل الحسين أعظم جرماً ، قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع الله إلها آخر ، وللنار أشوق إلى قاتل الحسين ممن أطاع الله إلى الجنة .

قال : فبينا جبرائيل (عليه السلام) يهبطُ من السماء إلى الدنيا إذ مرّ بدردائيل ، فقال له دردائيل : يا جبرائيل ما هذه الليلة في السماء ، هل قامت القيامة على أهل الدنيا ؟

قال : لا ، ولكن وُلِدَ لمحمد (صلى الله عليه وآله) مولودٌ في دار الدنيا ، وقد بعثني الله عزّ وجلّ إليه لأهَنِّيه بمولود .

فقال له الملك: يا جبرائيل بالذي خلقني وخلقك إذا هبطت إلى محمد فاقرأه مني السلام وقل له : بحق هذا المولود عليك إلا ما سألت ربَّك أن يرضى عني ويرد علي أجنحتي ومقامي من صفوف الملائكة .

فهبط جبرائيل على النبي (صلى الله عليه وآله) فهنأه كما أمره الله عزّ وجل وعزاه. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) : تقتلهُ أمتي ؟ فقال له : نعم يا محمد. فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : ما هؤلاء بأمتي أنا بريء منهم والله بريء منهم ، قال جبريل : وأنا بريء منهم يا محمد ، فدخل النبي على السيدة فاطمة (عليها السلام) فهنأها وعزّاها ، فبكت ثم قالت : يا ليتني لم ألده ، قاتل الحسين في النار .

فقال النبي (صلى الله عليه وآله) : وأنا أشهدُ بذلك يا فاطمة ، ولكنه لا يُقتل حتى يكون منه إمام يكون من الأئمة الهادية ، فسكنت السيدة فاطمة من البكاء.

ثم أخبر جبرائيل (عليه السلام) النبي (صلى الله عليه وآله) بقصة الملك وما أصيب به ، فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) الحسين (عليه السلام) وهو ملفوف في خرقة من صوف فأشار به إلى السماء ، ثم قال : اللهُم بحقِ هذا المولود عليك ، لا بل بحقكَ عليه وعلى جدّهِ محمد وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، إن كان للحسين بن علي بن فاطمة عندك قدر فارض عن دردائيل ورُدّ عليه أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة ، فردَّ الله تعالى أجنحته ومقامه ، فالملك ليس يعرف في الجنة إلا بأن يقال : هذا مولى الحسين بن علي وابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) )[ فرائد السمطين للحمويني]

سلام على سيدى أبى عبد الله الحسين وعلى جده ووالديه وإخوته وذريته إلى قيام الساعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. القبيل ألف ألف من الملائكة على خيول مُلجمة عليها قباب الدُرّ والياقوت ، ومعهم ملائكة يقال لها الروحانيون بأيديهم حراب من نور.

 

عمارة أوقات رمضان بالطاعات

شهر رمضان المعظم خير شهور السنة لأن الله فرض صيامه وسن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا قيامه، وبيّن لنا بقوله فضله، وبعمله الشريف قدره ، وآل العزائم لهم فى رمضان مشاهد ملكوتية