الـتراث الــنظمـى

05/05/2021
شارك المقالة:

قال  رضى  الله  عنه  فى  باب  المنن  التى  من  الله  سبحانه وتعالىبها عليه: (ومنها أنه سبحانه منّ علىّ بمواجيد عن عين اليقين فى علوم اليقين من غوامض علوم  التوحيد  وروح  حكمة  التشريع،  ومن  على سبحانه  بالمعونة  فى  أن  أبين تلك المواجيد بالعبارة وأضبطها بالكتابة، ومن على سبحانه بأن أنعم على بالمحبين له سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم فتلقوا عنى تلك المواجيد.. وهم كثير مع قلتهم) . 

وقال رضى الله عنه أيضاً مقدماً لبعض مواجيده عند نشرها:

(إنى والحمد لله لما عرفت أن الله جل جلاله حاضر لا يغيب، وظاهر لا يحجب، ومنزه عن الحد بالبصر فلا  يدرك،  وأنه  ظهر  بأسمائه  وصفاته وآياته فى كل كائناته.. تلمست غيبه فى مكنوناته حتى انبلج لى سر الأسرار ونور الأنوار، فأحببت أن أنفع إخواتى بما أودعه الله تعالى فى كونه وزمانه من سر عجيب وغيب  غريب ، حتى  ينتفع بتلك المواجيد من بعدى، ممن ذاقوا حلاوة القرب من الله تعالى وصحبونى، وتجعل  القارىء لها حاضراً مع الله تعالى ذائقاً معانيها الروحانية مبتهلاً بقلبه وقالبه، والله يحى من يشاء بالعلم  والذوق  والشهود  ويبارك  لمن يشاء بالدعاء والابتهال والتضرع فى آنات الإجابة والقبول.. والله تعالى أسأل أن يمن علينا بالإنابة إليه والتوبة والرجوع له والوفاة على الإيمان،  وصلى  الله  على  سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم) .

وقد  امتدت  الدهشة إلى العلماء والباحثين فى أيامنا هذه فبحثت عقولهم ونقبت أقلامهم عن مواجيد الإمام أبى  العزائم  وما  تميزت  به  عن  غيرها نرى ذلك جلياً فى تلك الدراسة التى قدمها الأستاذ/ سرى محمد حسن  هاشم  الشريف  بعنوان: (آثار  الإمام  أبو  العزائم  الشعرية – دراسة  فنية) للحصول  على  درجة الماجيستير بقسم اللغة العربية- كلية الآداب جامعة سوهاج عام 1992م حيث يقول فى رسالته:

أولاً: إن مصادر القصائد عند الإمام أبى العزائم هى:

1- القرآن الكريم         2- السنة الشريفة      3- المصدر الإلهامى والوجدانى

4- أحداث العصر وقضايا المجتمع             5- تجاربه الصوفية.

ويقول عن المصدر الأول:

إن  من  يطلع  على  قصائد  الإمام  المجدد أبى العزائم يجد معظمها مقتبس من القرآن الكريم، ومن يمعن النظر فى قصائده يجد أيضاً الكثير منها اعتمد اعتماداً كلياً على كتاب الله سواء باقتباس بعض ألفاظه، أو بالإشارة  إلى  معنى  من  المعانى الكريمة، ثم يوضح أن سبب ذلك هو حرص الإمام على التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزعته ونشأته الدينيه الصوفية الخالصة وحفظه للقرآن الكريم منذ طفولته وعمله فى المجال الدينى، ثم يضرب أمثلة من مواجيد الإمام ليؤكد ما يقول:

بين نفس وبين نفس شئون

تتجلى حتى تراها العيون

ومع العسر إن تدبرت يسراً

ولدى الصبر كل كرب يهون 

فهو بذلك يشير إلى قوله تعالى: (فإن مع العسر يسراً)[1].

وقول الإمام المجدد:

ألا بعتموا لله مالاً وأنفساً 

بمدلول (إن الله) والذكر ينطق

مشيراً إلى قوله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) [2].

وقوله رضى الله عنه: 

إن كان ذنبى عظيما

 فعفو ربى أعظم

        مشيراَ إلى قوله تعالى : ( قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاَ )[3] 

لم يلههم عن ربهم فقر ولا 

يشغلهم عنه غنى ورضاء

 مشيراً إلى قوله تعالى: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) [4].

 

و غير ذلك كثير جداً فى مواجيده رضى الله عنه مما لا يتسع المجال إلى ذكره. 

وأما المصدر الثانى:

فقد يضمن الإمام مواجيده إشارة إلى الأحاديث النبوية ذاكراً معناها أو ناصحاً بالتمسك بها. كقوله رضى الله عنه:

  حديث صحيح قاله المصطفى لنا

 توسلت للرحمن منكسر القلب

 (أنا  منه)   برهان    جلى   لمؤمن

(حسين نعم منى) يقيناً بلا ريب

مشيراً إلى حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (حسين منى وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً) [5].

وقوله رضى الله عنه ناصحاً لإخوانه بالتمسك بالسنة المحمدية: 

ألا سارعوا أحيوا لسنة أحمد

ففتنة هذا العصر كالنار تحرق

وقوله رضى الله عنه:

من لدن آدم إلى يوم عيسـى

وهو شمس ومصدر الأنوار

أنت شمس للرسل منك تحلوا

بالأيادى فى محكم الأسـفار

مشيراً إلى قوله صلى الله عليه وسلم : (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) [6]. 

وقوله رضى الله عنه:

   يا قلب حال الصفا تبدو  معانيه

تكون عرش   استواء عن   تجليه

                  تكون يا قلب معموراً  ومبتهجاً

بما   تنزل   نوراً   مـن   أياديه

مشيراً رضى الله عنه إلى قوله صلى الله عليه وسلم : (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)[7]. 

وأما المصدر الثالث وهو المصدر الإلهامى والوجدانى.. يقول الباحث:

كانت مشاعر الإمام المجدد ووجدانه مصدراً هاماً لقصائده ومواجيده، فعندما يسيطر على وجدانه الحب العميق لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً:

 حبيب   قلبى    محمد

بالحسن  والنور  مفرد

كلامه    نور  روحى

مـنه   العطا   يتجدد

خذنى    بكلى   حبيبى

إلـى المدينة     أشهد

مولاى أسعد بوصلك

حتى  أرى  نور أحمد

أنس   مشوقا   بوصل

عساه  بالوصل   يسعد

وهذا الوصل الإلهي يمثل كماً هائلاً من المواجيد التي خلفها الإمام فى تراثه النظمي. 

أما أحداث العصر وقضايا المجتمع:

فكانت هي الأخرى مصدرا ً هاماً من مصادر قصائده رضى الله عنه حيث شارك الإمام المجدد في أحداث عصره وقضايا مجتمعه وادلى فيها بدلوه، يقول الباحث وها هي امثلة مختصرة توضح ذلك:

قول الإمام المجدد رضى الله عنه: 

يا   بريطانيا   قد   ظلمت ولكن

شـق ظلم العباد منك المرارة

يا فرنسـا نشرت كفراً وزوراً

بين  أهل  التوحيد  بئس التجارة

والقوى  القهـار   أمهل    حتى

أحرق  الكل  من  لهيب الشرارة

يشرق  الشرق  باتحـاد  وحب

بين  أهل التوحيد معنى  الإشارة

يظهر    اللـه    دينه  بإمــام

حقق   الله   بالقرآن   انتصـاره

فيشير  فى  هذه  الأبيات  إلى  ظلم الاحتلال الأجنبى والدول المعادية للإسلام ثم يؤكد أن الله تعالى سوف ينصر دينه ويهلك الأعداء الظالمين.

وقد  تضمن  كتاب  (الجفر) الكثير من هذه الأمثلة وكذلك ابتهالاته واستغاثاته النظمية فراجعها إن شئت.

أما عن تجارب الإمام الصوفية:

فيقول الباحث: إن قصائد الإمام المجدد تتسم بعدة سمات وهى:

أ- اختلاف هذه القصائد عن عامة الشعر، فهي تعد بمثابة مواجيد نظمية وإلهامات عرفانية، ولعل ذلك هو  الذى  جعل  الدكتور  مصطفى  محمود يقول في كتابه (السر الأعظم) : والإمام أبو العزائم يقول هذا الكلام عن علم كشفى لدنى، وليس عن اجتهاد برأى.

ولذلك فلا تعد قصائده الصوفيه شعراً بل يعدها بمثابة خمر طهور، فنراه يقول:

ليس شعراً  ما قلت حال شهودى

بل هو الخمر يحتسى فى الوجود

راح  قدس  قصائد  من    قصود

وهى  إشـراق  علمه  التوحيدى

بينت   قصد    آله      ومشـوق

يسـكر الروح  فى خفاء الوجود

يحتسـيها  الأفراد  حال   صفاء

بعد  نيل  القبول  حفظ     العهود

أظهـرت  غيب   العلوم   عياناً

تشـهد الصب  غامض  التوحيد

مقتضى نشـوتى بحال  ألسـت

حين واجهت وجهه  فى سـعود

توقظ  النائميـن   منهـا  بمعنى

تجذب  الروح  لا  بكد  الجهـود

نور فضل يجلى الحقائق كشـفاً

للمراد المحبوب  ســر المزيد

ليس شعراً ما صيغ بل هو سر

لاح   للعارفين   بعد    الشـهود

بل هو الذكر تسـبح  الروح  فيه

فى على الملكوت حـال الورود

وهو ذكرى للمؤمنيـن حضوراً

يكشف الحجب    للمحب  المريد

ب- إن هذه القصائد جميعها إملائية، فلقد كان الإمام المجدد يمليها على تلاميذه فنراه يقول:

عنى اسمعوا ما تعقلون من الكلام

فالعلم بالرحمن من صافى المدام

والعلم   بالله   العـلى   غوامض

لم يفقهن إلا الصب فى  اصطلام

خذ ما صفا لك من إشارة عارف

فالعارفون كلامهم يشفى السـقام 

ونراه يقول:

خذوا  من عباراتى  بقدر  مبانيها

وخلوا لأهل الذوق سر معانيها

ففيها من الأسرار ما ليس يكشفن

وقد خفيت أسـرارها ومباديها

يذوق عباراتى  مراد   لحضرتى

ويشهد أسراراها فتى فنى فيها

وليس لسـانى  ناطقـاً بعبارتى

ولكنهـا نـور يفاض بباريها

 

ثانياً: ويذكر الباحث أنه يمكن تقسيم  قصائد الإمام المجدد من ناحية أحجامها إلى خمسة أنواع هى: 

  1. الأبيات المتفرقة: مثل قول الإمام: 

أما ومجلى كمال الذات فى القدس

وعزة عظموت وسعة الكرسى

لو أن جرمى ضاق الكون أجمعه

عنه لما يئست من عفوكم نفسى 

  1. المقطوعات القصيرة: ويتراوح حجمها بين ثلاثة أبيات إلى ستة أبيات ومن أمثلتها:

للطيف   الخبيـر أرفع  أمرى

وبه فى الوجـود يرفع  قدرى

كيف يرجواعبد من العبد عوناً 

والكريم الحليم عونى وذخرى

ويقينى  بالله  أضحـى  قويـاً 

بفـؤادى وظاهرى وبسـرى

  1. القصائد القصيرة: ويتراوح عدد أبياتها بين سبعة إلى عشرين بيتاً وهذا أكثر قصائد الإمام.
  2. القصائد المتوسطة: ويترلوح حجمها من عشرين بيتاً إلى أربعين، ويأتى هذا الحجم فى المرتبة الثانية من حيث انتشاره فى قصائده.
  3. القصائد الطويلة: والتى تزيد عن أربعين بيتاً وتصل أكثر من مائة بيت وكان الإمام لا يميل إليها كثيراً ومن أمثلتها قصيدة:

إلهى بمجلى الذات سر الحقيقة

وغيب التجلى من كنوز الهوية

ومثل قصيدة:

كن أضاءت بشمسها الواحدية

عن معانى تقدست أزلية 

ثالثاً: أما عن أغراض القصائد عند الإمام أبى العزائم رضى الله عنه فيقول الباحث:

إذا  نظرنا  إلى  قصائد  الإمام  المجدد  نجدها  تنقسم  إلى  أغراض كثيرة هى: المدح، والفخر، والهجاء، والرثاء، والغزل، والطبيعة، والعتاب، والشعر الوطنى.

أما المدح:

لم  يمدح  الإمام  فى  قصائده  حاكماً أو وزيراً أو صاحب سلطان أو جاه وانحصر مدحه فى ثلاثة أنواع:

1- المدح البشرى       2- مدح المكان         3- مدح الزمان

* والمدح  البشرى عند الإمام يقتصر على أربعة أنواع هى: المدح النبوى، ومدح أهل البيت، ومدح أهل التقوى والصلاح، ومدح تلاميذه وأتباعه السائرين على نهج النبى صلى الله عليه وسلم.

* أما فى مدح المكان فقد مدح الأماكن المقدسة مثل الروضات الطاهرة، والمقامات المقدسة، كمدحه فى مقام إبراهيم عليه السلام وحجر إسماعيل عليه السلام، وزمزم والحطيم وغيرها.

* ومدح  الزمان  كمدح  الإمام  المجدد   لليلة القدر ، وشهر رمضان ، وليلة نصف شعبان   فقال فى  ليلة القدر

سبع وعشرون فيها ليلة القدر

إنزال قرآن ذات المنعم البر 

وقال فى شهر رمضان:

يا شهر رمضان نور الوجه يشرق لى

أتلو به آية القرآن إشهاداً 

ولقد  اتسم  مدحه  رضى  الله  عنه بخصائص الصدق والواقعية وانطلاقه من مبادىء إسلامية ترمى إلى رضا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.

وعن الفخر:

يقول  الباحث : إن الفخر فى  قصائد  الإمام  أبى  العزائم  يختلف  اختلافاً   كلياً  عن  الفخر  عند الشعراء السابقين ،  فلقد  جدد  الإمام   كثيراً  فى  غرض  الفخر  فى  قصائده،  حيث  إنه  رأى  فى  صفات  الفخر عند  السابقين  أنها  صفات فانية زائلة لا تستحق الفخر، فالشجاعة والقوة والسلطان كلها صفات لا تدوم، بيد  أنه وجد أن الصفات التى تستحق الفخر هى التقوى والإيمان والقرب إلى الله ورسوله، لقد كان الفخر عند  الإمام  أبى  العزائم  منطلقاً  من قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) [8]  فمن ثم يظهر الاختلاف بين  الفخر  عند  أبى  العزائم  ، والفخر  عند  السابقين ،  حيث  أنه لم يفتخر فى قصائده بقوته أو بعلمه أو بشجاعته بل افتخر بقربه من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فنراه يقول:

سقانى رسول الله كأسًا مزمزماً

وصيرنى طه إماماً مقدماً

ونراه يقول:

سقانى رسول الله راح وداده

وصيرنى بالفضل باب شهوده

ونراه يفخر طوراً آخر بعبوديته لله تعالى فيقول:

أيقنت     قدرى     مقامى

أتى    الرغام      قوامى

عبد      لرب   قد    يسر

بر       محيط      سلام

ونراه يفتخر بانتسابه لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً:

كيف أخشى  أو اخاف  ولى  بكم

نسـبة   صحت  لدى  أنسـابكم

أو  أرى  ضيمـاً وجدِّى أحمـد

قد ورثت  المجد  عن أحسـابكم 

أما  فى الرثاء:

لقد  استطاع  الإمام أبو العزائم أن يجدد فى رثائه بالدعاء لمن يرثيه بالمغفرة والرحمة والدرجات العالية والفوز بالجنة، وكان رضى الله عنه يتحلى بصفات الإيمان فى رثائه، لقد رثى الإمام والديه فقال: 

أعنى  أبر  الوالديـن  أيـا   ربى

فإنهما  أصلاى  مذ  كنت فى الغيب

بررتهمـا  حيين  هب لى عنايـة

 أبرهما  فى  القبر بالجسـم والقلب

وقال ايضاً رضى الله عنه فى رثاء تلميذه محمد عبد الخالق: 

محمد   يـا ابن    عبد    الخالق

أزورك مشـتاقاً  لخل  وصادق

ولى  طمع  فى  الله جل جلالـه

أنـالك  غفراناً  من فضل رازق

لقد كنت صديقاً لك الوجه مشهد

 وكنت كبير القلب فى حال خافق 

وعن الهجاء:

يقول  الباحث :  إن  الإمام  أبا  العزائم ما ساقه إلى الهجاء إلا غيرته الشديدة على دينه ووطنه، وكراهيته للاستعمار  والحاكم  المفسد ،  فدوافعه للهجاء تعد دوافع من أجل المصلحة والمنفعة العامة، لا المصلحة الشخصية الذاتية كسائر الشعراء.

ومن أمثلة هجائه رضى الله عنه لموسولينى وجورج الخامس يقول:

يا وحش روما  تأدب

فلست كسرى  وقيصر

وطعنة   القهـر   تأتى

وأنت كالثوب تنشـر

كبيـر   لندن   فاحذر

 فالله   ربـك   أكبـر

وطعنـة القهـر تاتى

من  حيث  لا تتصور 

ولقد  هجا  الإمام الغرب وروسيا والموالين والأعداء والمتخاذلين فى الأمة، وأهم السمات التى سيطرت على  قصائد  الهجاء عند الإمام المجدد أبى العزائم هى: الصدق والتهذيب، والوعيد، والدعاء والبساطة.

أما قصائد العتاب عند الإمام:

فقد  اتخذت  اتجاهين : أحدهما  عتاب  خاص  ويخص  فيه  مجموعة  من تلاميذه وإخوانه فيعاتبهم نتيجة حدوث  مواقف  معينة  منهم  وهو  عتاب  قليل  لا  يذكر ، وثانيهما :  عتاب  عام  يوجهه  إلى عامة الأمة الإسلامية لمن يتجاهل نعم الله عليه أو يوالى أعداء الله، وسبب قلة قصائد العتاب عند الإمام قلة المواقف التى تستدعى اللوم، وطبيعة الإمام المتسامحة، وانشغاله رضى الله عنه بمصلحة الدين والوطن جعله لا ينظر إلى مواقف العتاب بأهمية كبيرة. 

وعن الغـزل:

استطاع  الإمام  أبو  العزائم  أن يجعل كل حبه فى قصائده موجهاً إلى الله تعالى وحده فلم نجد فى قصائده أى غزل بشرى، لأن الحب الإلهى سيطر عليها بكثرة. 

وقصائد الطبيعة:

عند  الإمام  أبو العزائم كثيرة متنوعة تناول فيها بديع صنع الله وقدرته، ويخاطب فيها الكائنات كالشمس والبحر والغمام والنيل والصحراء، وغيرها.. ومن أمثلة ذلك يقول فى

ماء البحر:

طهرت   بالمـاء   كلى

جسمى  وروحى  وظلى

طهـر   حبيبى  روحى

بنـور  وجهك    حولى

يا بحر   أنت    جمـال

محـوت  عنـى جهلى

وقد أراد الإمام من خلال مواجيده عن الطبيعة أن يزيد من إيمان المسلمين بربهم، وأن يعبر عن جمال الله الذى استودعه آيات الكون مذكراً بنعم الله الكثيرة علينا ومتوجهاً بالدعاء والشكر على ذلك.

أما القصائد الوطنية:

فتنقسم  إلى  نوعين :  قصائد  تتعلق  بحبه  لمصر  ومخاطبة  أهلها  وحثهم على التضامن والألفة والقوة، وقصائد تتعلق بالأمة الإسلامية والعربية يتنبأ فيها الإمام المجدد بالخير والنصر كقوله:

يا أمة الهادى اسمعوا

 نبأ الصحابة والهداة الأولين

وقوله أيضاً:

بربكم وطنى الإسـلام أفديـه

بالنفس والمال والرحمن يعليـه

والمسلمون همو نفسى وحبهمو

فرض على بصدق القول أرويه

 

  • والنوع  الأخير  من  قصائد  الإمام  هو  القصائد الإسلامية وهى كثيرة جداً ومتنوعة، فمنها قصائد  الدعاء  والحكمة  والنصح والإرشاد وقصائد العبادات والمناسبات الدينية والقصائد الصوفية ونظراً  لكثرة  هذه  القصائد  وانتشارها  مع  كافة  الإخوان  وتلاميذ الإمام يصعب حصرها  وجمعها  إلا  أن  خلفاء  الإمام  المجدد  من  بعده جمعوا منها عدداً كبيراً صدر فى خمسة  أجزاء  حتى  الآن  تحت  العنوان  الذى  اختاره  الإمام  لقصائده  وهو (ديوان ضياء القلوب  من  فضل  علام  الغيوب) ..  وبه  نماذج  متعددة لمواجيده وقصائده رضى الله عنه مصنفه ومرتبة.